• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / من ثمرات المواقع
علامة باركود

العلاج بالكلام...!!!.."وهدوا إِلى الطيب من القول"

حسام مقلد

المصدر: موقع: رابطة أدباء الشام
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/3/2010 ميلادي - 11/4/1431 هجري

الزيارات: 30922

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحاول العلوم المختلفة المهتمة بالإنسان كالطب وعلم النفس والاجتماع ـ تحاول بدأب أن تتفهَّم نوازعَ ودوافع وأنماط السلوك البشري الفردي والجماعي؛ لمعرفة استجابات الإنسان للمثيرات المختلفة، ومحاولة ضبط تعاملاته في كافة المواقف، وقد توصلت الأبحاث والدراسات العلمية في هذا الصدد إلى نتائج جيدة في مجال تحسين الحياة البشرية ومحاولة توفير السعادة للفرد والجماعة، وتؤكد هذه الدراسات على حقيقة أن (البسمة والكلمة الهادئة الطيبة) هي مفتاح الحل لكثير من الألغاز والمشاكل والأزمات البشرية على مستوى الأفراد والمجتمعات والدول...!!


وفي عام 1975م اكتشف العلماء أن دماغنا يفرز مجموعة مواد لما يُعرف بهرمون الإندورفين (Endorphins) ويعد هذا الهرمون من أهم مسكنات الألم التي تُفْرَزُ طبيعياً في جسم الإنسان، وعند إفراز الإندورفين من خلايا الدماغ أو من الغدة النخامية، فإنه يرتبط بمستَقْبِلات الألم في الدماغ، وبالتالي يخفف الشعور بالتعب والألم، بالطريقة نفسها التي تعمل بها بعض الأدوية المسكنة للآلام كالمورفين، إلا أن الإندورفين الذي يُفْرَزُ طبيعياً من الجسم لا يؤدي إلى الإدمان كما هي الحال مع الأدوية المصنعة كيميائياً، ويتمثل عمل الإندورفين في تخفيف الشعور بالألم، وخفض الإجهاد، وتعزيز الجهاز المناعي، كما أن من تأثيرات إفراز الإندورفين تحسُّن مزاج الشخص العام، والشعور بالسرور والسعادة، وأثبتت التجارب والدراسات أننا حين نضحك نطلق هرمون الإندورفين، ونفس الشيء يحدث عندما نسمع الكلام العذب، والثناء الجميل، والنصح الهادئ الذي تتقبله النفسُ راضية؛ لأنه جاء بأسلوب مهذب يدغدغ المشاعر، وتتجاوب معه العواطف والأحاسيس، وعلى العكس تماما عند الصخب والضوضاء واحتدام النقاش الحاد والصوت العالي، وسماع الكلام البذيء يرتفع ضغط الدم، وتسري في الجسد نوبة من الغضب والانفعال الشديد وهياج الأعصاب، وتَسَارُع ضربات القلب... وفي بعض نوبات الانفعال الحادة قد يتفاقم الوضع ويصاب المرء بمرض خطير أو شلل في أي جزء من جسمه... نتيجة الإثارة العنيفة والتغيرات الحاصلة في الجهاز العصبي السمبثاوي Sympathetic system (وهو ما يسمى بالعربية بالجهاز العصبي الودي).


وفي عام 2010م أظهرت دراسة بريطانية أن الكلام الطيب والهادئ أفضل مهدئ للآلام والأوجاع وأكثرها أمانا  وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية الـ "بي بي سي" أن هناك دراسة نشرت في مجلة "لانست" الطبية تشير إلى بقاء التأثير الإيجابي لبرنامج العلاج بالكلام الذي أجراه فريق علمي في جامعة "وارويك" على (600) ستمئة مريض خضعوا لمنهج علاجي جديد، وأجري عليهم في ست جلسات برنامج مكثف أطلق عليه "العلاج بالكلام" يعتمد على تقنية تعرف بالعلاج السلوكي المعرفي، حيث تمت مناقشة الاعتقادات السلبية "غير المساعدة" حول الأنشطة الفيزيائية والأفكار السلبية المتعلقة بأوجاع أسفل الظهر وتقنيات الاسترخاء، وأكدت الباحثة رئيسة الفريق العلمي المسؤول عن الدراسة في جامعة (وارويك) أن المرضى شعروا بتحسُّن كبير أثناء العلاج بالكلام، وقالت: "لقد تبين لنا أن التحسُّن في حالة المرضى استمر لمدة سنة كاملة؛ لأنهم تعلموا عن طريق جلسات الكلام الإيجابي، والمناقشة الهادئة كيفية التعامل السليم مع حالتهم".


بالقطع من الجميل والرائع فعلا أن يؤكد لنا العلم عن طريق البحث العلمي التجريبي أهمية الكلمة الطيبة الهادئة في الحياة البشرية، فهي فضلا عن أنها تريح أعصاب الإنسان وتوفر الجو الملائم لتدفق المشاعر السارة بداخله، فهي أيضاً تنير السبيل أمامه وتدخله في حالة من الاستبصار لذاته ولغيره وللمواقف التي تحيط به، وتجعله أقدر على استيعاب واحتواء مَنْ حوله؛ لأنه قادر على تفهم مشاعرهم والدوافع المختلفة وراء تصرفاتهم وسلوكياتهم نحوه، وبالتالي يكون أقرب إلى قبول الآخر والتسامح معه.


والمثير حقا أن الإسلام ذلك الدين العظيم الخالد قد سبق كل هذه الأبحاث عندما أكد قبل أكثر من ألف وأربعمئة عام على فضل الكلمة الطيبة وأهميتها في الحياة، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ﴾ [إبراهيم26:24].


نعم فكما أن الشجرة الطيبة تكون دائماً باسقة سامقة، وراسخة ثابتة، ومثمرة ظليلة، ذات نفع كبير بثمرها وفيئها... فكذلك الكلمة الطيبة عظيمة النفع لقائلها وكل من يسمعه، وتكاد لا تُحصى فوائدها، ولا تنقطع ثمارها في الصدور التي تنشرح لها، والنفوس التي تبتهج بها، والقلوب التي تنفتح لها، على العكس تماما من الكلمة الخبيثة التي تلوث الأجواء، وتفسد القلوب، وتغيِّر النفوس، وتبث جراثيم الحقد والبغضاء والكراهية، وتثير الإحن والضغائن والشحناء بين الناس، وتُوهِن أواصر الأخوة، وتُضعف روابط المحبة، وتمزق وشائج الود بين الأهل وذوي القربى والأصدقاء والزملاء والجيران، وهي لا قرار لها ولا بقاء، تماما كالشجرة الخبيثة التي قد تنتعش وتهيج وترتفع أغصانها وتتعالى وتتشابك، ويُخَيَّلُ إلى بعض الناس أنها أضخم من الشجرة الطيبة وأقوى، ولكن هذه الصورة المبهرة لتلك الشجرة الفاسدة صورة خدَّاعة ومزيفة، ورغم أنها تبدو شجرة ضخمة إلا أنها في الحقيقة نافشة وهشة... أي مجرد مظهر خادع مضلل، لكن تظل تلك الشجرة الخبيثة مزعزعة في مهب الريح؛ فجذورها سطحية جدا قريبة في التربة، حتى كأنها فوق الأرض... وما تلبث إلا فترة يسيرة يكسوها هذا الزخم الكاذب، ثم تذبل وتسقط وتتهاوى، وتُجتث من فوق الأرض، لأن لا رسوخ لها ولا ثبات ولا قرار!!


ولعل سائل يقول: لِمَ ضرب الله تعالى لنا هذا المثل الحسي الذي يشبِّه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة، والكلمة الخبيثة بالشجرة الخبيثة؟! لنقرأ الإجابة الوضيئة المقنعة عند صاحب الظلال الشهيد سيد قطب ـ رحمه الله ـ حيث يقول:" ليس هذا وذلك مجرد مثلٍ يُضْرَب، ولا مجرد عزاءٍ وتشجيع للطيبين، إنما هو الواقع في الحياة، ولو أبطأ تحقُّقه في بعض الأحيان، والخير الأصيل لا يموت، ولا يذوي مهما زحمه الشرُ وأخذ عليه الطريق... والشر كذلك لا يعيش إلا ريثما يستهلك بعض الخير المتلبس به، فقلما يوجد الشر خالصاً، وعندما يستهلك ما يُلابِسُه من الخير فلا تبقى فيه منه بقية، فإنه يتهالك ويتهشم مهما تضخم واستطال...إن الخير بخير! وإن الشر بشر!"


وهكذا فالكلمة الطيبة سرٌّ عظيم من أسرار هذي الحياة، ولعلنا نلمس ذلك بأنفسنا فكم من مشكلة كبرى كادت تندلع نيرانها ـ بين الأفراد أو العائلات أو القبائل، أو حتى بين الجماعات والأمم ـ وعصَمَ الناسَ، بفضل الله، من ويلاتها كلمةٌ طيبةٌ يقولُها رجلٌ مخلصٌ؛ فيريحُ الله تعالى بها الناسَ ويشفي صدورهم، ويُذْهِبُ غيْظَ قلوبهم، فتهدأَ النفوس ويُفْسَحُ المجالُ للعقل ليقول كلمته، ويعالَجُ الموقِفُ بحكمة ورَوِيَّةٍ، وتتبددُ بأمر الله تعالى سحبُ الغضب، ونُذُرُ الحرب التي لو اندلعت شرارتها لحل الخراب والدمار، ولَحرَقَ لهيبُها الأخضر واليابس، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت : 34] إن الإسلام يسعى باستمرار إلى بناء وتأسيس الفضائل كلها في النفس الإنسانية، ويدعو إلى اللِّين والرحمة، والحلم والصفح، والعفو والتسامح، ويحثُّ دائما على التحلي بغير ذلك من مكارم الأخلاق، وتبنِّي خطاب إنساني راقٍ مع كل الناس، ولعَلَّ محور ذلك كله الكلمة الطيبة؛ فهي روح الفضائل، ووسيلة إظهارها والتعبير عنها!


ومن هنا نفهم حرص الإسلام البالغ على إشاعة الكلمة الطيبة، ونشر ثقافة احترام الآخر، والتلطف معه، والحرص على مشاعره وأحاسيسه، والرفق به، والمرونة في التعامل معه... وغير ذلك من مظاهر التراحم والتعاون والتفاهم بين الناس، قال تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة : 83] وقال عز من قائل: ﴿ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 5] بل جعل الله تبارك وتعالى الكلمة الطيبة السديدة سبباً من أسباب حفظ الذرية ووقايتهم من المشاكل المختلفة، وحمايتهم من كل مكروه وسوء، قال تعالى: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾  [النساء: 9] ليس هذا فحسب بل جعل الإسلام القول السديد والكلم الطيب علامة ودليلا على التقوى وطاعة الله ورسوله، وسبباً لصلاح الأعمال، وغفران الذنوب، والفوز بالجنة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


ومن مظاهر حفاوة الإسلام بالقول السديد والكلمة الطيبة أنه جعلها خيراً من صدقة مادية يتبعها أذى ومضايقة وجرح للمشاعر والأحاسيس بنظرة زراية رامقة، أو كلمة أو إشارة جارحة... فقد عدَّ الإسلامُ هذه الكلمة الطيبة التي تقدم الدعم النفسي للفقير، وتبذل له المواساة والمؤازرة والمساندة المعنوية ـ عدَّها أفضل من الشيء المادي الذي يقدمه الغني للفقير ويتبعه بأي نوع من أنواع الإهانة والإيلام النفسي... قال تعالى: ﴿ قوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 263] بل جعل الإسلام الكلمة الطيبة صدقة، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:"كل سُلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس : يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمله عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة " رواه البخاري ومسلم وأحمد.


وأكثر من ذلك أن الإسلام عدَّ قول الخير علامة على كمال الإيمان بالله تعالى، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" رواه الشيخان البخاري ومسلم.


وقد حذر الإسلام أشد التحذير من فحش القول وبذاءة اللسان؛ لأن ذلك يثير العداوات بين الناس، ويزيل الحياء بينهم، ويجرِّئهم على ارتكاب المعاصي، وهتك الحرمات فيما بينهم، فضلا عن تعودهم الإساءة إلى بعضهم، وانتشار الثقافة الهابطة والكلمات الخارجة والبذيئة في المجتمع، ومجتمع هذه صفاته سيكون بعيداً حتما عن القيم والفضائل ومكارم الأخلاق، وسيكون بيئة خصبة للفساد والانحراف، وانتشار الجرائم واقتراف الآثام والمحرمات دون وازع من خلق أو ضمير... ومن هنا كان الوعيد الشديد لصاحب اللسان الطويل المجاهر بالمعصية وفحش القول ، عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء" رواه الترمذي وابن حبان وصححه الألباني، وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء" رواه الترمذي وصححه الألباني.


وعن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟" قلت: بلى يا رسول الله! قال:"رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد" ثم قال:"ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟" قلت: بلى يا رسول الله، قال: "كُفَّ عليك هذا" وأشار إلى لسانه، قلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! قال:" ثكلتك أمك!! وهل يَكُبُ الناسَ في النار على وجوههم ـ أو قال على مناخرهم ـ إلا حصائدُ ألسنتهم؟!!" رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.


وبعد، لعلنا في ظل كل ما تقدم نتأمل واقعنا جيدا، محاولين رصد حقيقة مجتمعاتنا وما يدور فيها من أحداث، وما يروج فيها من ثقافات تنعكس قطعا في كلامنا وتصرفاتنا، ثم لنتساءل: هل نحن راضون عن مستوى الحوار السائد بيننا في البيت والعمل والشارع... إلخ؟! هل نتحلى بهدوء الأعصاب ونضبط انفعالاتنا ونسيطر على مشاعرنا؟! هل نستخدم لغة راقية وألفاظ مهذبة في كلامنا مع بعضنا البعض؟! هل نحرص على مشاعر الآخرين ونلتزم بعدم الإساءة إليهم وجرح أحاسيسهم؟! هل نستخدم الكلام الطيب والحوار الهادئ لمناقشة مشاكلنا وعلاج أمراضنا المجتمعية المختلفة؟! هل نعرف قيمة الكلمة الطيبة في حياتنا وحياة أسرنا ومجتمعاتنا؟!! كم من زوج آلم زوجته وأبناءه بألفاظه القاسية وكلماته الجارحة وتلميحاته السيئة ونظراته المريبة وعباراته المؤلمة!! وكم من رئيس أو مدير تسبب في كثير من الأذى النفسي والمعنوي لمن جعلهم الله تحت يديه من الموظفين والعمال بسبب تأنيبه الدائم ولومه المستمر لهم وتفرقته في المعاملة بينهم، حيث يميز بينهم في المعاملة فيتباسط مع بعضهم ويمازحهم باستمرار، ويشدد النكير واللوم والتقريع على البعض الآخر، وكأن الصنف الأول لا يعرف إلا الصواب ولا يستحق سوى التدليل، والصنف الثاني لم يخلق إلا للأخطاء والسب والتوبيخ !


كم نسيء التعامل والكلام فيما بيننا: داخل بيوتنا ومع أحبائنا، وفي العمل والشارع، ومع الأقارب والجيران... فنتجهَّم في وجه هذا، ونغلظ القول لذاك... ونسدد لهذا لطمة قوية بعبارة جارحة، ونقذف في وجه ذاك كلمة قاسية كالصخر، كأنه بلا مشاعر مثلنا...!!! والغريب أننا نتساءل بعد ذلك بكل أسى ومرارة وحسرة: أين السعادة في حياتنا وحياة أسرنا ومجتمعنا كله؟!! والحقيقة هي أن الإجابة تكمن داخلنا نحن، ويمتلكها كل منا ويعرفها جيدا كل واحد فينا...!! فلعلنا نكون ممن ﴿ هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾ [الحج: 24] ولعلنا نتأمل هذه الآية الكريمة، ثم نطبقها ونلتزم بها في كل تصرفاتنا وكل شؤوننا ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاعتدال في الأمر كله
  • كيف يتعامل المسلم مع الإشاعات؟
  • {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}
  • العلاج بالكي في السنة النبوية

مختارات من الشبكة

  • العلاج الديني لعلاج الأمراض وتفريج الكربات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علاج التأخر اللغوي لدى الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية باستخدام بعض فنيات العلاج السلوكي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العلاج الجيني ونقل الخلايا الجسدية لأغراض الوقاية والعلاج(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • كيف فهم العلماء نصوص الطب النبوي؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القرآن العلاج الناجح لأمراض القلوب(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • ما أهم أسباب ضعف المسلمين اليوم؟ وما العلاج؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطر الإلحاد .. بعض أسباب الإلحاد وطرق العلاج منها(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • الفتور في كتابة الرسالة العلمية: الأسباب العلاج (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الانتحار في ضوء السنة النبوية: دراسة حديثة تحليلية (التعريف، الحكم، الصور، الأسباب، العلاج) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
37- حصائد الألسنة
نهار المسعري - السعودية 06-09-2021 06:47 PM

حصائد الألسنة تذهب بنا إلى الجنة أو تدخل الناس النار والعياذ بالله، بارك الله فيكم.

36- جعلك ربي في الفردوس الأعلى من الجنة
مساعد - السعودية 12-08-2013 02:54 PM

أيها الكاتب مشكور ما قصرت وبارك الله فيك وجعلك ربي في الفردوس الأعلى من الجنة آمين

35- بارك الله في عقلك وزادك علما وحكمة
أبو شادي - فلسطين 13-10-2011 10:35 AM

هذا المقال من أمتع وأنفع وأروع ما قرأت وفقك الله ونفع بك الإسلام والمسلمين

34- الله يوفقك
سعون - السعودية 10-06-2011 11:30 PM

جزاك الله عنا وعن أمة محمد خيرا ويوفقك دنيا وآخرة جزاء ما أفدتنا به

33- نفع الله بك وزدك علما وفضلا أخي الكاتب
سرور - الامارات 03-06-2011 12:53 PM

ونتمنى أن تركز بنفس الأسلوب على المشاكل الزوجية وعقوق الأبناء للوالدين وقطيعة الرحم ومشاكل العلاقات الجنسية بين الزوجين وبيان الطريقة الدينية والنفسية والعلمية في حل هذه المشاكل الموجودة وتأرقنا ونكتمها وهي تكبر بداخلنا

32- من يعلمنا ديننا تعليما تعمليا ويدربنا على ممارسته
عصام يسري - الكويت 29-05-2011 10:44 PM

انا مصرى مقيم فى الكويت بدأت ألتزم دينيا مؤخرا بعد الثورة المصرية وبعد ما ذهبت أديت العمرة وطفت بالكعبة المشرفة وأحسست بعظمة الإسلام الحقيقى وبدأت أقرأ كثيرا جدا عن الإسلام والسلوك لأن أهم شيئ من وجهة نظرى السلوكيات العملية وليس الكلام النظرى فقط لأن المعاملة والسلوك هو المحك الأساسى وأتمنى ان يخصص الأستاذ الكاتب وهذا الموقع الجميل عدد أكبر من المقالات فى الموضوع هذا لأن أسلوبه جميل وجذاب ومقنع ما شاء الله لا قوة الا بالله وشكرا لكم.

31- اللهم انشر الاسلام
سامي - السعودية 29-05-2011 10:33 PM

سيستمر القرآن الكريم معجزة تتحدى العقول المهم هو تطبيقنا له وتخلقنا بأخلاقه

30- لسانك حصانك
نرمين - مصر 26-05-2011 11:33 AM

كلام رائع وفى الأمثال لسانك حصانك إن صنته صانك وان هنته هانك ولكن المشكلة أننا لا نقدر على التحكم فى عواطفنا وكلامنا فنزعل ونغضب ونغلط

29- أجدت وأفدت
عمر - مصر 22-05-2011 09:12 PM

ومن الإنصاف أن نعترف أننا نخطأ في حق أنفسنا وحق من نحب ونسود الحياة أمامنا جميعا بسوء أفعالنا وسرعة غضبنا ليتنا نستفيد مما ذكرت بارك الله فيك وجعل ذلك من العلم النافع الذي تنال أجره في قبرك اللهم آمين

28- ما شاء الله لا قوة إلا بالله
أبو نافع - السعودية 18-05-2011 10:02 PM

بارك الله فيك أخي والله لقد أجدت وأفدت نفع الله بك وجعل عملك خالصا لوجهه الكريم ورزقك نفعه وفائدته في الدنيا والآخرة أنت وذريتك وأهلك وسائر المسلمين

1 2 3 4 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب